ترجمة : لميس الدسوقي
وثقت بكل ما تعلمت في كلية الطب، ودرجاتي العالية تشهد على ذلك. كنت مفخرة كلية الطب جامعة أوريجون وكان كل أساتذتي مؤمنين بتميزي لكوني ذكياً، مرحاً ومطيعاً.
تخصصت في طب الأطفال كوالدي. كان تخصصي ذاك بمثابة الحياة لي، وكنت أظن أنه باستطاعتنا توفير الصحة لجيل كامل طوال العمر. حتى أننا شجعنا الأمهات على ترك الرضاعة الطبيعية لأنه من الصعب قياس كمية الحليب التي يتناولها الطفل. كما شجعناهم على ادخال الطعام الصلب لأطفالهم في وقت مبكر ضمن وجباتهم حتى لا يصابوا بفقر الدم الناتج عن تناول الحليب. ظننا أنه بإمكاننا القضاء على معظم الأمراض. فوجهنا الأمهات إلى مراكز التطعيم ليتلقى أطفالهن التطعيمات الوقائية ضد العديد من الأمراض: كالدفتيريا والسعال الديكي والكزاز. بالإضافة للتطعيمات المتبعة مؤخرا، كالحصبة والنكاف و الحصبة الألمانية. كذا لقاح شلل الأطفال والتهاب الكبد والإنفلونزا المستديمة. حتى أصبحت تلك التطعيمات أمرا مُسَلَما به.
ياله من نظام مثالي! الوقاية على أساس علمي!
لدينا كل المعلومات، كما أننا نمتلك العلاجات لمعظم الأمراض. فلدينا علاجات لالتهابات الأذن والتهابات الحلق والالتهاب الرئوي والتهاب السحايا…> كالبنسيلين والمضادات الحيوية الجديدة. وللالتهابات الكلوية…>السولفا. وللأكزيما (مرض جلدي)…> الكورتيزون. وللربو…> المستنشقات المختلفة. حتى مرض السل بإمكاننا إخماده بعقار…> الستربتومايسين. وأخيرا الفلورايد للمحافظة على الأسنان.
ولكني ما لبثت مع مرور الوقت أتساءل متجهما: لماذا لا يزال الأطفال يعانون من كل الأمراض التي حُصِنوا ضدها؟ هل السبب عدم التزام ذويهم بتعليمات الأطباء ؟
للاسف ما أراه زيادة في بعض تلك الأمراض. فإلتهابات الأذن مستمرة. فرط النشاط في زيادة. الأطفال ممتلؤون بالديدان الدبوسية. حساسية بعضهم لدى الحليب ارتفعت فجأة.
فهل ما أفكر فيه صحيح، أم أن هناك حلقةً مفقودة؟!
لطالما تساءل الأهالي ولم نجد إجابة إلا: إنها المورثات (الجينات) السيئة من ناحية الأب.
كل هذه الأسئلة وأكثر بقيت ترن في أذني طوال الوقت.
ثم جاءت مجموعات دينية لتخبرنا بأن دراساتنا قد يكون بها خلل. وقد أخذت علينا منظمة رابطة لاليتشي* The La leche League عدم توعية الأمهات بأهمية الرضاعة الطبيعية. كما عرض برنامج دوناهو التلفازي حالات لأطفال تأذوا جراء تلقيهم التطعيم الثلاثي DPT.
أنه لمن الصعب علي الإعتراف بأن بعض دراساتي في كلية الطب كانت مضللة. وكم شعرت بالغضب حين أخبرتني إحدى الأمهات بأنها لا ترغب في تحصين طفلها بتطعيم الـ ثلاثي البكتيري DPT، وكنت أتمتم: ألهذه الدرجة الإستهانة بالعلم، ما الغاية من كلية الطب ودراساتي إذن؟
على مدى عشر سنوات وأنا أتساءل، لينتهي بي المطاف متقبلاً للحقيقة التي أثبتتها الأدلة الجديدة من خلال أبحاث حقيقية، أكدت – وبكل جدارة – أن الطبيعة الأم هي أفضل الأطباء. قد تكون قاسية إلا أنها عادلة. كل الأدوية الحديثة والتطعيمات المستحدثة أثبتت فشلها في توفير الحياة الصحية للبشرية. للأسف لم تجلب لنا إلا آمالا كاذبة بدوام الصحة. فالحمد لله أن الماء والصابون لم يزالا كافيين لهذا الغرض.
أصبحنا نعلم الآن عن جهاز المناعة، وكيف بإمكاننا صغاراً وكباراً مع التغذية الصحية، بلوغَ مستوىً أفضل في صحتنا، إن أفسحنا المجال لخلايا دمنا البيضاء وأجسامنا المناعية. حتى وإن ورثنا جينات سيئة من أحد الأبوين.
وبالعودة إلى المؤلفات الطبية، يشير الطبيب الأسترالي آرتشي كالوكيرينوس في كتابه بعنوان Every Second Child سنة ١٩٧٢، إلى الدمار الذي يلحقه التطعيم الثلاثي البكتيري DPT في الجسم. لاحظ د.آرتشي أن النظام الغذائي لسكان أستراليا الأصلين في أحسن أحواله مختلاً، فهو بالكاد يحتوي على فيتامين سي. فقرر بنفسه إعطاء كل طفل ١٠٠ ميللي جرام من فيتامين سي يوميا ولمدة شهر، فلم تحدث أي وفيات مفاجئة للرضع مذ تلك التجربة. وبذلك أثبت آرتشي العلاقة بين متلازمة الموت المفاجيء للرضع وبين ما تعرضت له أجهزتهم المناعية من بتر نتيجة تلقيهم التطعيم الثلاثي البكتيري .
كنت قد انتهيت للتو من قرآءة كتاب آخر للكاتبة الآسترالية – ڤيرا سكيبنر- بعنوان التطعيمات. حوى الكتاب مراجعات شاملة من كتب أخرى بالإضافة لاكتشافات مذهلة ساهمت في المساعدة على فهم السبب وراء تعرض الأطفال الذين يتلقون رعاية فائقة للأمراض أكثر من غيرهم.
ففي إحصائية أجريت عام ١٩٧١, أثبتت أن اليابانيين أقل نسب العالم في حالات موت الرضيع المفاجئة. إذ لاحظت مراكز الصحة اليابانية العلاقة بين الموت المفاجيء للرضع والتطعيم الثلاثي البكتيري DPT فما كان منها إلا أن منعت تعاطي الأطفال لهذا التطعيم حتى بلوغهم عامهم الثاني، فكانت النتيجة لا وجود لحالات موت مفاجيء بين الرضع مدة خمسين عاماً، وهو بالضبط ما ذكره د. كالوكيرفوس آنفاً.
لنقارن الآن كل تلك الحقائق بما درسناه في كلية الطب:
معدل الوفيات ومضاعفات التعرض لعدوى مرض ما انخفضت بنسبة ٩٠% قبل استخدام أي تطعيم.
خلال الأبحاث السريرية التي أجريت على التطعيمات، تبين أن كثيراً من الأطفال المحصنين التقطوا العدوى المرضية للأمراض التي حصنوا ضدها خلال أيام قليلة.
أُثبت أيضا في الأبحاث الطبية أن الأشخاص الذين أصيبوا بالسرطان وأمراض أخرى مزمنة في الكبر تعرضوا للقليل من الأمراض المعدية في الصغر. إذ من المهم السماح لأجهزتنا المناعية بالتعرض لأمراض معدية في مرحلة الطفولة كنوع من الاستعداد والتحدي، لتستطيع مع تقدم العمر مقاومة أمراض مناعية أكثر تعقيداً كمرض السرطان حالياً.
قدم بلوكت إت آل سنة ١٩٨٤ تقريرا يقول فيه: منذ إختفاء التطعيم ضد السعال الديكي, تضاءلت بشدة معدلات الوفاة أو دخول المستشفى بسبب هذا المرض. نفسه الأمر اختبره السويديون بعد توقيف التطعيم ضد السعال الديكي سنة ١٩٧٩.
يسبب التطعيم الثلاثي البكتيري ضغطاً كبيرًا على أجهزة الرضيع المناعية، مولدا في بعض الأحيان نوبات ضغط حادة، تتسبب بصعوبة في التنفس من ٤٥ – ٦٠ يوماً بعد التطعيم.
هذا وأكثر من إحصاءات إلى المقالات والبحوث والمناظرات، أوردها الطبيب اسشيبنر في كتابه.
يبدو أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ومركز السيطرة على الأمراض وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA ، لا يبدون اهتماماً لقراءة أو تقييم كل تلك المنشورات الطبية، والتي تشير إلى فشل التطعيمات في التحكم بانتشار الأمراض، كالسعال الديكي، الدفتيريا، الحصبة، الحصبة الألمانية، النكاف، بالإضافة لشلل الأطفال، علاوة على ضربها المباشر لأجهزة الأطفال المناعية إلى الدرجة التي تسمح لمثل هذه الأمراض وغيرها من غزو أجسامهم بلا مقاومة.
أقترح إعطاء كل طفل ١٠٠ ملجم من فيتامين C كجرعة يومية مدة شهر من بعد الولادة حتى بلوغهم، أما إذا ما أصيبوا بعدوى ما، فبإمكاننا زيادة الجرعة من ٥٠٠ – ١٠٠٠ ملجم كل ساعة طوال فترة المرض، هو ما سيحث الجهاز المناعي على تعلم كيفية مقاومة الأمراض بأقل مضاعفات.
يأخذنا كل ذلك إلى أن التطعيمات ليست مجدية، بل وخطرة ، فلنترك الزمام للطبيعة ولنتعايش معها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* (منظمة غير ربحية تهدف إلى توعية الامهات بأهمية الرضاعة الطبيعية)