عندما أصبحت أمًا لأول مرّة لم أتساءل مطلقا عن تطعيم أولادي. كان أمرا بديهيا تقوم به عندما يصبح لديك أطفال – أن تفعل ما يخبرك الطبيب أن تفعله لأنه يعرف الأفضل.
كلانا أنا وزوجي لم يخبرنا أحد على الإطلاق عن أي آثار عكسية سوى القليل من الاحمرار والتورم في موضع حقن الإبرة. ورغم أن كل طفل من أولادي الستة الأكبر ازداد مرضًا مع كل تطعيم لكننا لم ننتبه لهكذا ترابط.
ست من أولادي المطعمين أعمارهم ١٦ و١٢ و١٠ سنوات يعانون من توحد متوسط إلى حاد وابني ذو ٢٥ عاما يعانى من اضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط وابنتنا ذات ١٤ عاما تعانى من اضطراب لغة حاد الدرجة، أما ابنتنا ذات ٢٠ عاما لديها تقلبات مزاجية حادة.
كما أنهم عانوا من أمراض مزمنة: التهابات أذن والتهاب قصبات وأزمة وأكزيما وصدفية والتهابات مسالك بولية واضطرابات الجهاز الهضمي والمناعة الذاتية والحساسية والحساسيات وعدم تحمل كيمياويات.
لقد أجرينا فحوصات وراثية من أجل الحصول على إجابات لكننا لم نجد تفسيرا لآلام أطفالنا. لذا بدأت رحلة البحث عن إجابات على عاتقي الشخصي فقرأت كتبا وشاهدت محاضرات وقرأت كل الدراسات العلمية التي استطعت الحصول عليها. عندها اكتشفت أننا لسنا العائلة الوحيدة التي واجهت ذاك المصير.
كان هناك العديد من العائلات التي تعاني من ذات الإشكاليات التي نعانيها.
هذا الإدراك دفعنا إلى قرار عدم تطعيم طفلينا الأصغر- حاليا أعمارهم ٥ و٨ سنوات- وقد انتعشوا بالصحة جراء ذاك القرار. من بين كل أشقائهم كان من المفترض أن يكونوا الأكثر عرضة للمشكلات الوراثية حيث أننى كنت في أواخر الثلاثينيات من عمري عندما رزقت بهم كما كنت أعانى زيادة في الوزن.
على النقيض، طفلانا الأصغر لم يعانوا مطلقا من الأمراض العديدة التي عانوا منها أشقاؤهم وشقيقاتهم.
ليس لأنهم لم يتعرضوا للمرض فهم مثل غيرهم من أطفال الروضة أو المدرسة. لكن لأنهم امتلكوا تلك المرونة التي حُرم منها أشقاؤهم.
لم يتعاطيا أو يحتاجا مطلقا أي مضاد حيوي في حياتهم والأهم أنهما لم يعانيا من أي من الاضطرابات التى يعانى منها أشقاؤهم.
في الواقع هذا الإدراك هو حلو ومرٌ في آن واحد لي بالنسبة لي – عندما أنظر إليهم وأدرك كم خسر أولادي الآخرون بسببي أنا.
علي أن أواجه حقيقة أن جهلي بشأن ما ينبغي أن أسمح له بأن يحقن في أجساد أولادي سيتسبّب على الأقل في أن إثنين منهم (وربما ثلاثة) لن يكونوا أبدا قادرين على الاستقلال أو الزواج وتكوين عائلة. عندما أتوفى أنا، سيكون عليهم تقبل إمكانية معيشتهم مع غرباء لن يحبوهم كما يستحقون.
على الناس أن تدرك أن التطعيم ليس جرعة واحدة تناسب الجميع وأن هناك في المجتمع عائلاتٌ تعاني بسبب الضرر الذي سبّبه التطعيم.
لقد نسينا بسرعة سابا بوتن ولاكلان نيلان. كلاهما تعرض لإعاقة شديدة تلت تلقيهما جرعات لقاح الانفلونزا في عامي ٢٠١٠ و٢٠١٢ تباعا. وماذا عن أشلي إبابارا التي توفت بعد يوم واحد من تلقيها لقاح الانفلونزا في عام ٢٠١٠؟ لذلك يجب أن تبقى التطعيمات خيارا لأنه على خلاف ذلك كأنما نقول أن حياة بعض الأطفال لها أهمية أكثر من غيرها.
هذه الإشكالية ظهرت مجددا على ضوء الخسارة المفجعة لوفاة الرضيع ذي الأربعة أسابيع رايلي هيوز بسبب السعال الديكي. إن قلبي يتألم مع عائلته فليس خسارة طفل مما يجب على الآباء والأمهات أن يمروا به.
للأسف فإن القلة من الصحفيين قد اغتنموا تلك المأساة لخلق كراهية وعداء متزايدين تجاه أطفال أبرياء وعائلاتهم.
إنهم وباستهتار يدفعون الآباء ضد بعضهم البعض وفي خضم ذلك يقومون بإحداث ضررٍ بالغ لهذه العائلة ولأسر أخرى ليست على إطلاع بأوجه القصور في هذا اللقاح.
في عام ٢٠٠٩ حامت الشكوك حول ممرضة -متلقية تطعيماتها كاملة- أنها نقلت عدوى السعال الديكي لأربعة من الرضع في قسم الولادة في سيدني وقد تعددت الدراسات حينها التي تظهر أن هذا المطعوم لا يوفر الحماية التي يستحقها أطفالنا.
في عام ١٩٩١ عندما كانت نسبة التغطية لمطعوم السعال الديكي ٧١٪ كان عدد الإصابات ٣٤٧ حالة فقط. لكن في عام ٢٠١١ ومع نسبة تغطية تجاوزت ٩٢٪ كان لدينا ٣٨ ألف حالة إصابة. كيف يمكننا لوم الغير مطعمين في هكذا حالة؟
على النساء الحوامل أخذ الحيطة لأن النشره الداخلية للقاح تنص على أن تأثير المطعوم على نمو الجنين لم يقيّم بعد. التطعيمات خلال الحمل ليس موصيا بها ما لم يكن هناك خطرٌ مؤكد من الإصابة بالسعال الديكي.
إن مهاجمة الأباء – سواءٌ لأنهم يقومون بتطعيم أبنائهم أو لا- عليه أن يتوقف لأنه في نهاية المطاف نحن جميعا نحب أولادنا ونتمنى لهم ولكل الأطفال الأفضل.
الفرقة ليست هي الحل ولن تكون أبدا، لكننا سنجد الحلول العملية عندما نتوقف عن العراك ونبدأ مناقشةً مفتوحة.
تاشا ديفيد – رئيسة الشبكة الأسترالية للمتشككين في التطعيمات
مقال تم نشره في ٢٥ آذار ٢٠١٥ ترجمة م. فاطمة عيسى