The Wayback Machine - https://web.archive.org/web/20210728073049/https://www.who.int/bulletin/volumes/89/5/10-081901/ar/

مجلة منظمة الصحة العالمية

التعويض بلا تقصير بعد الأحداث الضائرة المنسوبة للتلقيح: مراجعة البرامج الدولية

Clare Looker a & Heath Kelly a

a. Victorian Infectious Diseases Reference Laboratory, Locked Bag 815, Carlton South, Vic., 3053, Australia.

Correspondence to Clare Looker (e-mail: Clare_Looker@hotmail.com).

(Submitted: 10 August 2010 – Revised version received: 01 February 2011 – Accepted: 03 February 2011 – Published online: 21 March 2011.)

Bulletin of the World Health Organization 2011;89:371-378. doi: 10.2471/BLT.10.081901

المقدمة

المنافع الصحية العمومية للتلقيح واضحة، وتقدّر منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 2.5 مليون وفاة تم تجنبها في سنة 2008 بفضل التلقيح.1 أدت برامج التمنيع إلى استئصال الجدري والتخلص من الحصبة وشلل الأطفال في أقاليم كثيرة وإلى انخفاضات هامة في المراضة والوفيات من المستدمية النزلية نمط B والخناق والسعال الديكي والكزاز. إلا أن اللقاحات لا تخلو من المخاطر، ومن المسلم به عموماً أن الحوادث الضائرة تحدث بعد التلقيح، مع أن الحوادث الضائرة الخطيرة نادرة، وذلك رغم التصميم والتصنيع والإعطاء السليم.2

يُعتقَد أن هذه المخاطر الطفيفة توازنها على مستوى الجمهرة منافع التمنيع الواسع للسكان، ولكن هذا يعني أن من حين إلى آخر يتحمل فردٌ ما عبئاً ملموساً مقابل المنفعة المقدمة لباقي الجمهرة. ومع أن هذه الأحداث الضائرة المرتبطة باللقاحات تنجم أحياناً نتيجة الإهمال، إلا أن في أغلب الأحيان لا يوجد أي تقصير واضح يمكن نسبها إليه.

باعتبار أنه يصعب الحصول على تعويض من خلال الآليات القانونية التقليدية بغياب بينات على إهمال واضح، قامت عدة دول بتنفيذ برامج تعويض الأحداث الضائرة الناجمة عن اللقاحات.3 تعكس هذه البرامج الاعتقاد بأن تحمل المجتمع الذي يحميه برنامج تلقيح للمسؤولية عن الأحداث الضائرة والتعويض عنها أمر عادل ومعقول. أجرى Evans في سنة 1999 مراجعة شاملة لثلاثة عشر برنامج تعويض.3 كان هدفنا تحديث تلك المراجعة عن طريق فحص عناصر البرامج المماثلة لتلك الموصوفة سواء من قبل Evans أم من قبل Mariner في دراستها خلال السنتين 1985-1986. 4

استراتيجية البحث

استخدمنا محرك البحث التلوي (Supersearch MetaLib®) من أجل استعراف الموارد المنشورة الرئيسية حول تراسيم تعويض التأثيرات الضائرة للقاحات. كانت قواعد البيانات التي بحثنا فيها هي Web of Science® وScopus (الإصدارة الرابعة، Elsevier) وMedline (ISI) وCINAHL®Plus (EBSCO) وPsycINFO (CSA) وPubMed وAcademic Search Premier (EBSCO) وExpanded Academic ASAP (Gale) وThe Law Journal Library (Hein).

كانت كلمات البحث المستخدمة هي vaccine AND injury AND compensation؛ "vaccine injury"؛ vaccine AND damage AND compensation؛ vaccine AND compensation؛ "vaccine policy"؛ "vaccine injury" AND international؛ "vaccine injury" AND [country name]. أجرينا مسحاً لوقائم المراجع في النصوص الكاملة للمقالات الرئيسية. استعملنا كذلك تتبع الاستشهادات في PubMed وGoogle Scholar وScienceDirect وEBSCOhost من أجل التتبع المستقبلي للمقالات الرئيسية واستعراف المقالات المنشورة في المجلات المعترف بها. أجرينا بحثاً في الأدب الرمادي في Google باستخدام كلمات البحث نفسها وبحثنا صفحات ويب للمنظمات الدولية والوكالات الثنائية والمنظمات غير الحكومية وشركات الاستشارات القانونية والجامعات التي تشارك في تمويل خدمات التمنيع أو تقديمها أو تقييمها. قرأنا بتمعّن مواقع الويب الحكومية لنجد تفاصيل مخططات التعويضات في البلاد. وأخيراً اتصلنا بالأفراد الرئيسيين المشاركين في برامج التعويضات المتعلقة باللقاحات في كل أنحاء العالم.

تطور البرامج

استعرفنا 19 بلداً لديها مخططات جارية لتعويضات اللقاحات (الشكل 1). في سنة 1953 أقرّت المحكمة العليا في ألمانيا أن الناس الذين تأذوا بالتلقيح الإجباري (لقاح الجدري في هذه الحالة) يستحقون التعويض. أحدثت ألمانيا برنامج تعويضات في سنة 1961. 5 نفذت فرنسا برنامجاً مماثلاً في ستينات القرن العشرين.6 ازداد الاهتمام بالأذى الناجم عن الأدوية وعدم كفاية عمليات المقاضاة التقليدية بعد مأساة ثاليدوميد في ستينات القرن العشرين. أدت المخاوف المتعلقة بالأحداث الضائرة المتعلقة بلقاح الخناق والكزاز والسعال الديكي إلى تأسيس برامج في النمسا7 والدانمرك8 واليابان9 ونيوزيلندا10 والسويد11 وسويسرا12 والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية.13 وفي ثمانينات القرن العشرين نفذت برامج في تايوان (الصين)14 وفنلندا15 والولايات المتحدة الأمريكية16 وكيبيك (كندا)،17 وفي التسعينات تبعتها إيطاليا18 والنرويج19 وجمهورية كوريا.20 وآخر البرامج تنفيذاً هي برامج هنغاريا21 وأيسلندا22 وسلوفينيا.23

الشكل 1. البلدان والمقاطعات التي أدخلت برامج التعويض عن الأضرار الناجمة عن اللقاحات (مع سنة الإدخال).

حدث منذ مراجعة Evans3 عدد من التغيرات السياسية والاجتماعية الاقتصادية التي أثّرت على التعويضات من أجل التأثيرات الضائرة للقاحات. يرتكز 13 برنامجاً من البرامج الموصوفة في هذه الدراسة في أوروبا، التي قام الكثير من البلدان فيها منذ ذلك الحين بإدماج المسؤولية عن اللقاحات بصفتها جزءاً من المقاربة بلا تقصير الأكثر شمولاً للحوادث الطبية.24 علاوة على ذلك، هناك اهتمام بمواءمة السياسات الصحية ضمن الاتحاد الأوروبي يتمثل باقتراح مطروح مؤخراً حول برنامج تعويض لعموم أوروبا للإصابات الناجمة عن المنتجات المعيبة.25 انتقلت فرنسا من برنامج تعويضات مرتكز على المحاكم إلى نظام إداري، وفي المملكة المتحدة يجري نقاش حول برنامج مساءلة بديل للحوادث الطبية العامة.26، 27 هناك ضغوط ملموسة من العموم في بلدان آخرى مثل أستراليا28، 29 وكندا30 وأيرلندا31، 32 لتأسيس برامج مماثلة. أبدت الصين مؤخراً اهتماماً ببرنامج تعويض بلا تقصير للأحداث الضائرة للقاحات.33 لا يوجد حتى تاريخه برامج تغطي البلدان النامية.

حجج لصالح هذه البرامج

تشمل الحجج لدعم برامج تعويض التأثيرات الضائرة للقاحات الضغوط السياسية والاقتصادي والتهديد بالمقاضاة وزيادة الثقة في برامج التلقيح سكانية المرتكز وضمان استدامة الإمداد باللقاحات؛ إلا أن برامج التعويض ترتكز كذلك على مبادئ العدل والعدالة.

في غياب برنامج تعويضات رسمي يكون مصدر التعويضات الوحيد هو المحاكم، لا سيما بموجب قانون المسؤولية التقصيرية. يتطلب قانون المسؤولية التقصيرية أن يثبت المدعي أنه أصيب بأذى نتيجة إهمال شخص آخر أو تقصده، والمشكلة التي تكمن في هذه العملية في حال التلقيح أنه لا يوجد في أحيان كثيرة جهة مقصرة بوضوح. يمكن أن تصبح مقاربة التعويضات المرتكزة على المحاكم غير عادلة وغير قابلة للتنبؤ إذ تؤدي إلى تعويضات مالية ضخمة للبعض، بينما لا يحصل من لا يلجأ إلى القانون على شيء.

لم يكن في الولايات المتحدة الأمريكية قبل سنة 1987 بيد من عانى من تأثيرات ضائرة للقاحات أي خيارات عدا تجريب حظهم في المحكمة والمطالبة بالتعويض عن إصاباتهم من المصنّع مباشرة،34 وفي غياب نظام تعويضات يصعب على مصنعي اللقاحات التنبؤ بالتعرض للمقاضاة، وبالتالي قام المصنعون وشركات تأمينهم بزيادة الأسعار وفق أسوأ التقديرات،35 مما أدى إلى زيادات أسية في الأسعار وعوز اللقاحات وانخفاض في بحوث اللقاحات. علاوة على ذلك، ترك عدد من الشركات الصغرى لتصنيع اللقاحات السوق.35

تزيل برامج تعويض حوادث اللقاحات اللايقين من مسؤولية التقصير للمصنعين وتقدم مقاربةً أكثر عدلاً وكفاءة واستقراراً للأطراف المتضررة. المقاضاة سبيل غالٍ ومحدود وغير متاح للكثيرين من متلقي اللقاحات. كما أن برامج التعويض تتجنب استقطاب شركات الأدوية ضد متلقي اللقاحات من خلال المقاضاة وتغطية وسائل الإعلام السلبية المرافقة لذلك.36

طبق الكثير من البلدان برامج تعويضات تعبيراً منها عن التضامن مع المجتمع.4 تطرح عالمة الأخلاقيات Michelle Mello أن التضامن يعني أن أعضاء المجتمع يجب ألا يتحملوا مخاطر التلقيح بمفردهم.37 قد تكون التأثيرات الضائرة للقاحات وخيمة ومعقدة، وكثيراً ما تصيب الأطفال الذين سيحتاجون بعدها إلى رعاية مدى الحياة وهم غير مؤهلين للاستحقاقات الأخرى بموجب برامج التأمينات.3 وفي برنامج تلقيح يدفع المتضررون وغير المتضررين أقساطاً غير متساوية من التكلفة الاجتماعية لإنتاج الخير الاجتماعي لمناعة القطيع.37 وتطرح Mello أنه بموجب مبادئ العدل والتضامن تلزم آليات تمنع «ركوب» المتضررين (بلا قصد منهم) على أكتاف المتضررين.

العناصر المشتركة بين البرامج

استعرفنا من خلال مراجعتنا للبرامج الجارية ستة عناصر مشتركة بين كافة البرامج، وهي الإدارة والتمويل، والتأهل، والإجراءات واتخاذ القرارات، ومعيار الإثبات، وعنصر التعويض وحق المقاضاة؛ وهذه العناصر مماثلة لتلك التي استخدمها Evans في سنة 1999 في مراجعته المنشورة آنذاك.3 تلخص الجوانب الرئيسية لهذه العناصر في الجدول 1 من أجل ستة بلدان متطورة ذات برامج تعويضات مترسخة، وقد اختيرت لتبيان تنوع المقاربات لهذه البرامج.

الإدارة والتمويل

أغلب البرامج تسنها وتديرها الحكومة، ويتم ذلك عادةً على المستوى الوطني، ولكن في ألمانيا وسويسرا تدار البرامج من قبل الولاية (أو الكانتون). تدير كيبيك، المقاطعة الوحيدة في كندا التي فيها برنامج تعويضات للقاحات، برنامجها من خلال وزارة الصحة والخدمات الاجتماعية في المقاطعة.

وفي البلدان الاسكندنافية تشكل تعويضات التأثيرات الضائرة للقاحات جزءاً من برامج التعويضات بلا تقصير الأوسع لكل من العلاج الطبي والأدوية. تدار هذه البرامج في الدانمرك والنرويج من قبل وزارة الصحة، بينما البرامج في فنلندا والسويد هي برامج طوعية لشركات الأدوية ولا تديرها الحكومة. بعد كارثة الثاليدوميد في بداية ستينات القرن العشرين تعاونت الصناعات الدوائية الدولية العاملة في السويد مع قطاع التأمينات والحكومة لتأسيس برنامج التعويضات للمتضررين من اللقاحات السويدي تدفع الشركات الدوائية والمستوردون مساهمات مالية فيه طوعياً.36، 39 وبالمثل، في فنلندا قادت المخاوف المتعلقة بالمقاضاة والعدالة الحكومة إلى اقتراح برنامج قانوني، وحتى وضعت مسودة لمرسوم، إلا أن مصنعي الأدوية شكلوا عوضاً عن ذلك الجمعية التعاونية الفنلندية لتعويض الأضرار الناجمة عن الأدوية وتفاوضوا مع قطاع التأمينات كي يؤسس برنامجاً طوعياً خاصاً به.15 وفي النرويج، مع أن البرنامج مدار حكومياً، إلى أنه مموَّل أيضاً بمساهمات من الصناعات الدوائية. وفي نيوزيلندا لا يوجد كيان إداري منفصل ينظر في الأضرار من اللقاحات، بل تغطيها مؤسسة تعويضات الحوادث،40 وهي مؤسسة قانونية تقدم تعويضات بلا تقصير لكل ضرر أو موت شخصي ناجم عن الحوادث.

يعكس مصدر تمويل برامج تعويض الأضرار الناجمة عن اللقاحات بشكل أساسي موقع سلطة اتخاذ القرارات. يمول عدد من البلدان برامجها من الخزينة الوطنية أو ميزانيات الولايات أو البلديات، أو (في حالة اليابان) خليط من هذه المصادر. تستخدم فنلندا والنرويج والسويد الضرائب على المصنعين. يمول برنامج نيوزيلندا من عدة مصادر منها الضرائب على أرباب العمل والعاملين ومالكي المركبات والتمويل الحكومي وعائدات الاستثمارات.

تحتفظ تايوان (الصين) والولايات المتحدة الأمريكية على السيطرة الحكومية على البرنامج، ويتم تمويله من ضريبة اللقاح. في تايوان (الصين) يدفع مصنع اللقاح أو مورِّده دولاراً تايوانياً جديداً واحداً (0.034 دولار أمريكي) على كل جرعة لقاح، وفي الولايات المتحدة الأمريكية الضريبة هي 0.75 دولار أمريكي لكل جرعة.

تشكل برامج التعويضات في أغلب البلدان مصدر تمويل ثانوياً للنفقات الطبية والمتعلقة بالعجز. عموماً، يتلقى المرضى الدعم الأولي من هيئات التأمين الوطنية العامة أو الخاصة. قد تكون برامج التعويض متواضعة الحجم نسبياً، وقد لا تغطي كامل طيف التكاليف التي يمكن أن تشملها المقاضاة بموجب المسؤولية عن الأضرار.

الأهلية

كما لاحظ Evans سابقاً، هناك تفاوت ملموس في اللقاحات التي تغطيها برامج التعويض. بعض البرامج لا تغطي إلى اللقاحات الإلزامية أو الموصى بها، بينما تغطي برامج أخرى جميع الأدوية المرخصة. تغطي المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية لقاحات الطفولة ولقاح الإنفلونزا للبالغين واللقاحات المعطاة للقوات المسلحة.41، 42 في إيطاليا لا يدفع التعويض إلا على الأضرار الناجمة عن واحد من خمسة لقاحات إلزامية أو من اللقاحات غير الإجبارية اللازمة من أجل السفر أو التوظيف.18 تحدد بلدان أخرى الأهلية بناء على المهنة (مثلاً العاملين في الرعاية الصحية) ودواعي الاستعمال (مثلاً سفر) والمواطنة والزمن المنصرم بين التلقيح والدعوى.

يوجد في جميع البرامج معاير العتبة للضرر أو العجز والتي يجب تحقيقها قبل المطالبة بتعويض. في نيوزيلندا يجب أن يكون الضرر «وخيماً» ليتأهل للتعويض.40 في إنكلترا يُدفَع التعويض في حال تجاوز العجز 60%.41 وبالمثل، في فنلندا يتطلب التأهل للتعويض حدوث فقدان للقدرات الوظيفية لمدة لا تقل عن 14 يوماً.15 لا يحدد القانون الألماني إلا أن الضرر يجب أن يتجاوز «التفاعلات المعتادة التالية للقاح»، ولكن تعتمد المدفوعات الإضافية على شرط حدوث عجز لمدة لا تقل عن 6 أشهر.7

يصف Evans أربعة تصنيفات واسعة للاستحقاقات المقدمة من قبل برامج تعويض الأضرار عن اللقاحات،3 وهي: التكاليف الطبية ومعاشات العجز وتغطية الخسائر غير الاقتصادية واستحقاقات الوفاة. تغطي جميع البرامج، باستثناء المملكة المتحدة التي تقدم دفعة واحدة قدرها 120 ألف جنيه استرليني، التكاليف الطبية ومعاشات العجز واستحقاقات الوفاة،41 وتتناسب هذه المدفوعات عادةً مع وخامة الضرر الناجم عن اللقاح. تغطي بعض البلدان كذلك الخسائر غير الاقتصادية بما فيها «الألم والمعاناة» والتعويضات للأسر. تعوض الولايات المتحدة الأمريكية كذلك التكاليف القانونية المعقولة للمدعين، سواء نجحت مقاضاتهم أم فشلت.

الإجراءات

سنت جميع البلدان عدا فنلندا والسويد تشريعات لتفعيل برامج التعويضات، وتدير الإدارات الحكومية البرامج في أغلب البلدان. تتطلب أغلب البرامج التقدم بدعوى إلى الجهة الإدارية التي تتخذ القرارات البدئية حول الأهلية والتعويض بموجبها. تستخدم أغلب البلدان إجراءات إدارية لتقرير الأهلية للتعويض وحجم المدفوعات. يوجد في هذه البرامج عادةً عمليات للمراجعة الداخلية مع خيار مراجعة خارجية إذا اعتُبرت الدعوى معقدة أو خلافية. يعتقد مناصرو هذه البرامج أن المقاربة الإدارية أقل خصوميةً وتكاليفه أقل وتقلل من الحاجة إلى إلقاء اللوم على جهة ما ويكبر فرصة المتضررين الحقيقيين من اللقاحات في الحصول على تعويض عادل.

بينما أن إجراءات تقديم الدعوى في الولايات المتحدة تتبع إلى حد بعيد نموذج إجراءات المقاضاة المدنية، يشمل البرنامج إجراءات لتحديد السببية مسبقاً إذا كان الضرر من التلقيح مشمولاً في جدول أضرار اللقاحات.42 تفترض هذه الإجراءات مسبقاً وجود العلاقة السببية إذا حصل أي ضرر مدرج في الجدول خلال إطار زمني محدد بعد التلقيح. مثلاً، إذا حدث التأق خلال 4 ساعات بعد إعطاء لقاح التهاب الكبد B يفترض أنه حصل نتيجة اللقاح. وبينما توجد آلية مختلفة من أجل الأضرار خارج مواصفات الجدول، أغلب الدعاوى تحصل من أجل الأضرار «في الجدول».43 يوجد في كل البلدان المدروسة عملية استئناف رسمية للمدعين، وفي بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الاسكندنافية، يمكن استئناف الدعوى من أجل الطعن في حجم مدفوعات التعويض. وتفرض بعض البلدان حدوداً زمنية للطعن.

تهدف برامج التعويضات عن الأضرار الناجمة عن التلقيح إلى تبسيط إجراءات تلقي التعويضات. تشكل الاستجابة السريعة للدعاوى أولويةً في أغلب البلدان، إلا أن زمن المعالجة يختلف باختلاف حجم البرنامج وكونه جزءاً من برنامج أوسع للتعويضات بلا تقصير. في نيوزيلندا تعطى مؤسسة تعويضات الحوادث 9 أشهر لاتخاذ القرار.10 في الولايات المتحدة الأمريكية يستغرق القرار حول الدعوى عادةً بين سنتين وثلاث سنوات.44 وفي فرنسا يُفرض على المكتب الوطني للتعويض عن الحوادث الطبية قانونياً أن يعالج الدعاوى خلال 6 أشهر.27

معيار الإثبات

ترتكز برامج التعويض عن الأضرار الناجمة عن اللقاحات على الافتراض بأن الحصيلة الضائرة لا يمكن نسبها إلى فرد أو صناعة معينة، إنما تُنسَب إلى الاختطار الذي لا يمكن تجنبه والمرتبط باللقاح. من المشكلات بالنسبة لجميع برامج التعويضات تحديد ما إذا كان هناك علاقة سببية بين اللقاح وضرر ما. قد تختلف الطريقة المتبعة لإثبات السببية في قانون المسؤولية التقصيرية اختلافاً كبيراً عن الطريقة المقبولة لتأسيس السببية في العلوم والوبائيات. أشيع المعاير المقبولة لتأسيس السببية الوبائياتية هي معاير برادفورد هيل.45 مع أن هذه المعاير لا تقدم قائمة تفقد نهائية لتقييم السببية،46 إلا أنها تعطي هيكلية لفصل التفسيرات السببية واللاسببية للترابطات المشاهدة. ورغم أهمية السببية، لا يوجد توافق وحيد وواضح حول تعريفها.

في دعاوى المسؤولية التقصيرية تتم مقاضاة المدعى عليه أو المنتج المعيب على «تسبيبه» لحصيلة ضائرة عند فرد معين أو مجموعة معينة، ويجب تحديد علاقة مباشرة بين فعل محدد من جهة المدعى عليه أو المنتج وبين الحصيلة الضائرة. التسبيب القانوني قطعي ويتطلب إثبات الادعاء.

يقدم أغلب برامج التعويض مقاربة أكثر ليبراليةً عموماً لمعيار الإثبات مقارنةً بالمعيار القانوني. فمثلاً، يتطلب البرنامج السويدي العام لتعويض الأضرار الدوائية «احتمالاً راجحاً» أن الضرر نجم عن دواء. مع أن مفهوم الاحتمال الراجح غير معرف تعريفاً محدداً، يفسره المعلقون بأنه احتمال «أكبر من 50% بقليل» أن الدواء هو الذي سبّب الضرر.36

كانت أضرار اللقاحات تُعتبر في نيوزيلندا سابقاً «حوادث طبية»،47 وفي الواقع كان يُعتبر «خطأ طبياً». مع أن كلا الحدثين مؤهلان للتعويض، كان هذا الفرق يتطلب أن تستقصي مؤسسة تعويضات الحوادث ما إذا كان الضرر الناجم عن اللقاح نتيجةً لخطأ أم حصيلة ضائرة للقاح أعطي بشكل صحيح. استُبدل مفهوم «الحادث الطبي» لاحقاً بمفهوم «الضرر العلاجي».10 هذا أقرب إلى نظام «بلا تقصير» حقيقي يضمن التعويض للمتضررين باللقاحات بصرف النظر عن اعتبار الضرر قابلاً للتجنب أم لا. وبالمثل، ففي الولايات المتحدة الأمريكية لا يلزم إثبات من المستوى الذي تتطلبه المحاكم للوصول إلى التعويض. من أهم مرامي البرنامج تبسيط نظام التعويضات لجميع الأطراف، لذلك اعتُبر أن إدراج متطلب إثبات السببية القانونية سيكون شاقاً ومستهلكاً للوقت.

حق المقاضاة

كي تبقى برامج التعويضات تجذب المطالبين يجب أن تقدم إجراءات ومدفوعات أكثر جاذبية من نظام تقاضي المسؤولية التقصيرية. تشرع أغلب البلدان أن الناس يستطيعون المطالبة بالمدفوعات عن طريق المحاكم أو نظام التعويضات، ولكن ليس كليهما. ثمة بلدان أخرى، كالدانمرك والمملكة المتحدة، تعدّل مدفوعات التعويضات إذا تم الحصول عليها من خلال المحاكم.

الاستنتاج

تحظى برامج تعويضات أضرار اللقاحات باعتراف متزايد على أنها مكونة هامة لبرامج التلقيح الناجحة. استُخدمت هذه البرامج منذ خمسين سنة لضمان أن الأفراد الذين أصيبوا بضرر من أجل حماية المجتمع ككل يحصلون على تعويض ورعاية مناسبتين. يوجد شتى البرامج ذات البنى والمقاربات المختلفة في أنحاء العالم. تؤدي هذه البرامج وظيفتها بكفاءة أكثر عندما تعمل جنباً إلى جنب مع نظم رعاية اجتماعية وطنية شاملة مترسخة. لوحظ أن برامج تعويضات الأضرار الناجمة عن اللقاحات في هذه البلدان تتصف بتكاليف إدارية منخفضة نسبياً، لا سيما مقارنةً بحالات المقاضاة المدنية.36، 48

تنامى تقبّل تعويضات الأضرار الناجمة عن اللقاحات في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. يجري تفعيل البرامج خارج الدول الصناعية في أوروبا وأمريكا الشمالية. أكدت مجموعات الأهالي على أهمية هذه البرامج المرتكزة على المبادئ الأخلافية، وأبلغ المدعون عن رضاهم في تلقي التعويضات من خلال عملية مبسطة.49، 50 نعتقد أن هناك حجج قوية لصالح التنفيذ الواسع لهذه البرامج في البلدان المتقدمة الأخرى، باستثناء عدم رغبة الحكومات بترك المقاربة الخصومية في تقديم التعويضات.


تضارب المصالح:

لم يصرح بأي منها.

المراجع

جار التحميل