ترجمة: ا. محمد الرشيد
 تسلط هذه المقالة الضوء على تواطؤ شركات تصنيع الأدولية الكبرى مع الحكومة الأمريكية والمخاطر المتعلقة بالتطعيمات التي تنتجها كبرى شركات الأدوية تلك.  مقالة روبرت كينيدي هذه توثق جهود الحكومة الأمريكية لإخفاء بيانات خطيرة متعلقة بمخاطر التطعيمات.

التطعيمات – وقايات قاتلة
تستّر الحكومة على علاقة مادة الزئبق بمرض التوحد
بقلم : روبرت كينيدي  Rollingstone.com 20 يوليو 2005م

في يونيو من عام 2000م ، اجتمع فريق يضم علماء وكبار مسؤولي صحة حكوميين في مكان ناءٍ هو مركز سمبسونزود للمؤتمرات في نوركروس في ولاية جورجيا.  عُقد هذا المؤتمر برعاية مركز مكافحة الأمراض (CDC) في المنتجع الذي يقبع في وسط مزرعة مكتضة بالأشجار بجانب نهر تشاتاهوتشي لضمان السرية المطلقة.  لم يتم الإعلان عن هذا المؤتمر في الصحف العامة ولكن تم التنسيق لإرسال دعوات خاصة ل 52 شخصية.  حضر المؤتمر عدة شخصيات رفيعة من مركز مكافحة الأمراض (CDC) ومن هيئة الغذاء والدواء (FDA) وأخصائيين رفيعي المستوى في مجال اللقاحات من منظمة الصحة العالمية في جنيف وممثلين لكبرى شركات تصنيع اللقاحات تضم جلاكسو سميث كلاين و شركة ميرك وشركة ويث و شركة أفينتس باستور (GlaxoSmithKline, Merck, Wyeth and Aventis Pasteur). قام المسؤولين في مركز مكافحة الأمراض (CDC) بإخبار الحضور والتنبيه عليهم باستمرار بأن جميع البيانات العلمية محل النقاش هي بيانات محظور نشرها.  فيمنع أخذ صور من تلك البيانات أو الحصول على نسخ منها أو الخروج بها.

اجتمع هؤلاء المسؤولين الحكوميين وأصحاب القرار في تلك الصناعة لمناقشة دراسة جديدة ومزعجة وضعت علامات استفهام خطيرة حول مجموعة من التطعيمات التي تعطى عادة للأطفال في سن مبكرة. فحسب السيد توم فيرسترايتن وهو أحد العلماء في علم الأوبئة في مركز مكافحة الأمراض (CDC) والذي قام بتحليل 100 ألف سجل لأطفال ضمن السجلات الطبية في المركز فإنه اكتشف وجود مواد حافظة تحتوي على مادة الزئبق في التطعيمات – تسمى ثيميروسال – ظهر أنها هي المسؤولة عن الزيادة المضطردة لمرض التوحد ومسؤولة عن مجموعة من الاضطرابات العصبية لدى الأطفال.  “لقد ذهلت حقيقة مما رأيت” هذا ما قال الدكتور فيرسترايتن للحضور مبيّناً العدد الكبير من الدراسات السابقة والتي تشير إلى وجود رابط بين مادة الثيميروسال و تأخر النطق وتشتت الانتباه وفرط الحركة ومرض التوحد.  فمنذ عام 1991م عندما اقترح مركز مكافحة الأمراض (CDC) وهيئة الغذاء والدواء (FDA) إعطاء 3 تطعيمات إضافية تحتوي على تلك المادة الحافظة للأطفال حديثي الولادة ، فقد ارتفع عدد حالات مرضى التوحد 15 ضعف، أي من حالة واحدة في كل 2500 طفل إلى حالة واحدة في كل 166 طفل.

إن تلك النتائج تعتبر مرعبة حتى للعلماء والأطباء الذين اعتادوا على التعامل مع أمور الحياة والموت.  “يمكن أن تقلّب تلك البيانات كيفما شئت” يقول الدكتور بيل ويل للحضور وهو مستشار في أكاديمية أطباء الأطفال الأمريكية.  ” إن النتائج من نظرة إحصائية تعتبر كبيرة جدا” يقول الدكتور رتشارد جونستون وهو طبيب في علم المناعة وطبيب أطفال في جامعة كولورادو والذي كان قد رُزق بحفيد له في صباح الاجتماع ويقول “لا تؤاخذوني في نظرتي الشخصية ولكن لا أريد لحفيدي أن يحصل على لقاح يحتوي على الثيميروسال حتى نعرف بشكل أفضل مالذي يحدث هنا”

ولكن بدلا من أخذ الخطوات الفورية لتنبيه العامة من الناس والتخلص من كميات اللقاح التي تحتوي على الثيميروسال ، أمضى المسؤولون في منتجع سمبسونود معظم اليومين المتبقيين لمناقشة كيف يتم التغطية على تلك البيانات المضرة.  فبحسب وثيقة تم الحصول عليها تحت مظلة قانون حرية المعلومات، فكثير ممن حضر الاجتماع كانوا قلقين من تأثير النتائج الجديدة للثيميروسال على صناعة اللقاحات وأرباحها النهائية.  “نحن في وضع سيئ من جهة الدفاع ضد أية تهمة يتم رفعها” يقول الدكتور روبرت برنت وهو طبيب أطفال في مستشفى ألفرد دو بونت للأطفال في يدلوير.  “سيكون هذا بمثابة مادة دسمة لمحامي الادعاء الذين تزخر بهم هذه الدولة” يقول الدكتور بوب تشين وهو رئيس وحدة سلامة اللقاحات في مركز مكافحة الأمراض (CDC) ويقول أيضا “من خلال حساسية المعلومات استطعنا أن نبعدها عن تلك الأيادي غير المسؤولة”. ويقول الدكتور جون كليمنتس وهو مستشار اللقاحات في منظمة الصحة العالمية “ربما هذا البحث لم يكن يتعين القيام به من الأساس” ويضيف ” لا بد من احتواء نتائج تلك الدراسة” ويحذر من أن الدراسة سيأخذها الآخرون وسيتم استخدامها بطرق مختلفة خارج سيطرة هذا الفريق”.

في الحقيقة ، فقد أثبتت الحكومة مقدرتها في احتواء الأضرار أكثر بكثير من رغبتها في حماية صحة الأطفال.  فقد قام مركز مكافحة الأمراض (CDC) بالدفع للمعهد الصحي للقيام بدراسة جديدة “لتلميع” مخاطر الثيميروسال وطلب من الباحثين استبعاد العلاقة بين الكيميائية مع التوحد.  قام المركز أيضا بالاحتفاظ بالنتائج التي توصل إليها الدكتور فيرسترايتن على الرغم من أنه كان من المقرر أن تنشر على الفور وأخبر العلماء الآخرين أن البيانات الأصلية قد ضاعت ولم يعد بالمقدور استخراجها مرة أخرى.  وللالتفاف حول قانون حرية المعلومات قام المركز بتحويل جميع قواعد البيانات الهائلة لديه إلى شركة خاصة مقررا عدم إمكانية الوصول إليها من قبل الباحثين.  وعندما أتى الوقت الذي نشر فيه الدكتور فيرسترايتن نتائج دراسته كان قد انتقل للعمل في شركة جلاكسو سميث كلاين وقام بإعادة تجميع البيانات لطمس الرابط بين الثيميروسال ومرض التوحد.

شركات تصنيع اللقاحات كانت قد بدأت بالتخلص تدريجيا من الثيميروسال في الحقن التي تعطى للرضع في أمريكا ولكن استمروا في بيع الكميات التي لديهم حتى السنة الماضية.  قام مركز مكافحة الأمراض (CDC) وهيئة الغذاء والدواء (FDA) بتقديم يد العون لهم عن طريق شراء تلك اللقاحات الملوثة وتصديرها للدول النامية وسمحت لتلك الشركات في الاستمرار في استخدام تلك المواد الحافظة في بعض اللقاحات في أمريكا – تتضمن عدة أنواع من حقن إنفلونزا الأطفال إضافة إلى جرعات لقاح الكزاز التعزيزية التي تعطى عادة للأطفال في عمر الإحدى عشر سنة.

وتأتي مساعدة شركات الأدوية أيضا من قبل صنّاع الأنظمة والتشريع في واشنطن.  السيد بيل فريست وهو زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ  استلم مبلغ وقدره 873,000 دولار كعطاءات من قطاع صناعة الأدوية فقد كان يعمل لتوفير الحماية لشركات تصنيع اللقاحات من أية إلتزامات تقع عليها ضمن 4200 قضية رفعت عليها من أسر تضرر أطفالهم.  وحاول السيد فريست ضمن خمس حالات بالإغلاق على جميع المستندات الحكومية المتعلقة باللقاحات ومن ضمنها وثائق اجتماع سمبسونسود وقام أيضا بحماية شركة “إيلي ليلي (Eli Lilly)” المطورة للثيميروسال من مذكرات الاستدعاء.  وفي عام 2002م قام فريست بهدوء بإقاحام قانون لحماية شركة إيلي ليلي (Eli Lilly) في قانون خاص بالأمن القومي مما دعا الشركة إلى المساهمة في حملته الانتخابية ب 10,000 دولار وقامت أيضا بشراء 5000 نسخة من كتابه عن الإرهاب البيولوجي.  هذا القانون تم نقضه من قبل الكونجرس عام 2003م.  ولكن مع بداية هذه السنة قام فريست بإقحام قانون آخر في قانون مكافحة الإرهاب يقضي بمنع تعويض الأطفال الذين تعرضوا لاضطرابات دماغية جراء التطعيمات.  “إن ضخامة تلك القضايا المرفوعة ضد شركات اللقاحات تصل إلى أنها ستخرج تلك الشركات من العمل التجاري بالكلية وستحد من مقدرتنا على التعامل مع أي هجوم بيولوجي من قبل الإرهابيين”  يقول دين روزين وهو مستشار أنظمة الصحة لدى فريست.

حتى كثير من المحافظين انتابتهم الدهشة من صنيع الحكومة ومحاولتها إخفاء مخاطر الثيميروسال. النائب دان برتون وهو جمهوري من إنديانا عاصر ثلاثة سنوات من التحقيق لمادة الثيميروسال بعد أن تم الكشف عن ابنه بأنه مصاب بالتوحد.  “الثيميروسال الذي يستخدم كمادة حافظة في اللقاحات له علاقة مباشرة بمرض التوحد”  تقول لجنة المراجعة الحكومية التابعة له في تقريرها النهائي.  “كان من الممكن أن يتم احتواء ومعالجة هذا الوباء لولا أن هيئة الغذاء والدواء (FDA) لم تكن نائمة عن النقص في بيانات السلامة لحقن الثيميروسال المعروفة بسمّيتها”. وتقول اللجنة بأن هيئة الغذاء والدواء (FDA) ومؤسسات صحية عامة أخرى أخفقوا في التصرف من خلال المخالفات المؤسساتية الخاصة بحماية الفرد ومن خلال الحمائية التائهة لقطاع صناعة الدواء.

إن تتكاتف مؤسسات الصحة الحكومية مع شركات الأدوية الكبرى لإخفاء مخاطر الثيميروسال عن العامة لهي قصة تقشعر لها الأبدان وتظهر مدى الغطرسة والقوة والطمع المؤسسي.  لقد تم دخولي لهذه الجدال على الرغم مني.  فقد كنت كمحام وعالم بيئي قد قضى سنوات عديدة في العمل على سمومية الزئبق كنت دائما ما أقابل أمهات لأطفال مصابين بالتوحد كنّ متأكدات ومتقنعات بأن أبنائهن أصيبوا بالمرض بسبب التطعيمات ولكني كنت أشك في ذلك.

كنت أشك في أنه يمكن أن يلقى اللوم على عنصر واحد كسبب للتوحد وكنت أفهم بشكل جيد حاجة الحكومة للتأكيد للعائلات بأن التطعيمات تعتبر آمنة لإن استئصال داء الأطفال يعتمد على ذلك.  كنت أميل إلى الاتفاق مع المتشككين أمثال الممثل السياسي هنري واكسمان الديمقراطي من كلفورنيا الذي كان ينقد زملائه في لجنة المراجعة الحكومية الذين كانوا يقفزون  على النتائج حول التوحد والتطعيمات.  “لماذا يتعين علينا إخافة الناس من التطعيمات”  يقول واكسمان في جلسة استماع “حتى يتم لنا معرفة الحقائق”

فقط بعد قراءة وثائق اجتماع سمبسونود ودراسة آخر ما توصل إليه البحث العلمي والتحدث لكثير من السلطات البارزة في هذا البلد حول الزئبق، بعد هذا فقط اقتنعت بأن الرابط بين مادة الثيميروسال وداء اضطرابات الأطفال العصبية هو رابط حقيقي.  خمسة من ابنائي هم جزء من جيل الثيميروسال – هم هؤلاء المولودين بين عامي 1989م و 2003م – الذين تلقوا جرعات مكثفة من الزئبق الموجود في التطعيمات. “المراحل الابتدائية مكتضة بأطفال لديهم أعراض لخلل عصبي أو خلل في النظام المناعي” تقول باتي وايت ، وهي ممرضة أطفال مدرسية ، للجنة المراجعات الحكومية في مجلس النواب عام 1999م.  “يفترض أن تجعلنا التطعيمات ذات صحة أفضل ولكن خلال عملي كممرضة خلال ال 25 سنة لم أر قط هذا العدد من الأطفال المرضى والمصابين. هناك خطأ جسيم يحدث لأطفالنا”

حاليا يوجد أكثر من 500,000 طفل يعاني من التوحد ، وأطباء الأطفال يفحصون أكثر من 40,000 حالة سنويا.  لم يكن يعرف هذا المرض حتى عام 1943م عندما تم التعرف عليه وتم تشخيصه ضمن إحدى عشر طفلا تمت ولادتهم في نفس الأشهر التي تم إضافة مادة الثيميروسال في تطعيمات الرضع عام 1931م.

بعض المشككين يجادلون في صحة أن ارتفاع حالات التوحد كانت بسبب تطعيمات ملوثة بمادة ثيميروسال.  نقطة جدل هؤلاء هي أن الزيادة تلك كانت نتيجة للتشخيص الذي أصبح أفضل – وهذه نظرية لا يمكن أن تقبل أساسا بسبب أن معظم حالات التوحد الجديدة تكونت خلال جيل واحد من الأطفال.  يقول الدكتور بويد هايلي وهو أحد المسؤولين العالميين في سمّيّة الزئبق “لو كان الوباء حقيقة هو من صنع التشخيص السيء إذن إين جميع حالات التوحد التي عمرها 20 سنة؟” باحثين آخرين يشيرون إلى أن الأمريكيين يتعرضون لكميات مضاعفة من الزئبق أكثر من أي وقت مضى من الأسماك الملوثة ومن حشوات الأسنان ويقترحون بأن الثيميروسال في اللقاحات ما هو إلا جزء من مشكلة أكبر.  تلك فعلا مشكلة أكبر وتستحق العناية بشكل أكبر مما هو عليه الآن – ولكن كل ذلك يتجاوز حقيقة أن تركيز الزئبق في التطعيمات التي يتعرض لها الأطفال تجعل من جميع المصادر الأخرى المذكورة هامشية.

ومما يثير الدهشة بشكل أكبر هو النفس الطويل لقادة التحري الذي هم على استعداد للمضي طويلا في تجاهل أو حتى لتغطية الإثباتات ضد مادة الثيميروسال.  فمنذ البداية والحقائق العلمية ضد مواد الزئبق المضافة كانت ولا تزال طاغية.  المواد الحافظة التي تستخدم لوقف الفطريات ونمو البكتيريا في اللقاحات تحتوي على إيثيل الزئبق وهو مادة قوية سامة للجهاز العصبي.  توجد دراسات عديدة ومكثفة تشير إلى أن الزئبق يتجه إلى التجمع في دماغ الثدييات الرئيسية وحيوانات أخرى بعد حقنها باللقاح – وبالتالي فإن أدمغة الأطفال الرضع معرضة لنفس التأثير.  في عام 1977م وجدت دراسة روسية بأن البالغين الذين تعرضوا لتركيز من إيثيل الزئبق بنسب أقل مما يعطى للأطفال الأمريكيين لا يزالون يعانون من إصابات دماغية بعد سنوات. لذا فإن روسيا منعت مادة الثيميروسال في اللقاحات التي تعطى للأطفال قبل عشرين سنة وكذلك قامت الدنمارك والنمسا واليابان وبريطانيا وجميع الدول الاسكندنافية بفعل نفس الشيء.

“إنك لن تستطيع عمل تجربة تثبت من خلالها بأن الثميروسال مادة آمنة” يقول هيلي وهو يرأس قسم الكيمياء في جامعة كنتكي “إنها مادة شديدة السّميّة. فلو حقنت حيوان بها فإن دماغه يمرض. ولو وضعته في غشاء حيّ فإن خلاياه تموت وإن وضعته في طبق بتري فإن الأحياء فيه تموت. بمجرد معرفة هذا فإنه من العجيب أن يتم حقن رضيع به دون أن ينتج عن ذلك ضرر”

توجد وثائق تكشف أن شركة إيلي ليلي (Eli Lilly) وهي من قامت بتطوير الثيميروسال كانت تعرف منذ البداية بأن منتجها يمكن أن يتسبب بأضرار وربما الوفاة للانسان والحيوان على حد سواء.  ففي عام 1930م قامت الشركة باختبار الثيميروسال على 22 مريض يعانون من التهاب السحايا وجميعهم ماتو خلال أسبوعين بعد حقنهم بالمادة وتلك حقيقة لم تكترث شركة إيلي ليلي (Eli Lilly) بذكرها في دراستها التي زعمت فيها بأن الثيميروسال آمن.  في عام 1935م حذر الباحثون في شركة تصنيع أدوية أخرى اسمها بيتمان مور حذروا شركة إيلي ليلي (Eli Lilly) بأن إدعائها أن الثيميروسال آمن لا يتوافق مع ما توصلوا إليه.   نصف عدد الكلاب التي قامت شركة بيتمان بحقنهم بلقاح الثيميروسال مرضوا مما دعا أكبر الباحثين هناك لإعلان أن المادة الحافضة غير مقبولة كمصل يستخدم للكلاب”

خلال العقود اللاحقة أصبحت الأدلة ضد الثيميروسال تزداد.  خلال الحرب العالمية الثانية عندما استخدمت وزارة الدفاع المادة الحافضة تلك على الجنود أمرت شركة إيلي ليلي (Eli Lilly) بطباعة كلمة “سمّ” عليها.  وفي عام 1967م وجدت دراسة من مجلة الأحياء الدقيقة التطبيقية أن الثيميروسال تقتل الفئران عندما يتم إضافته للقاح.  وبعد أربع سنوات لاحقة اكتشفت شركة إيلي ليلي (Eli Lilly) من خلال دراسات أجرتها بأن الثيميروسال هي مادة سامة للخلايا الحية في تركيز منخفض يصل إلى جزء من المليون – أي أقل بمائة مرة من تركيزه في التطعيمات.  ومع ذلك استمرت الشركة في الدعاية للثيميروسال بأنه مادة غير سامّة بل أضافته في المطهرات الموضعية.  وفي عام 1977م توفي عشرة أطفال في مستشفي في تورونتو عندما تم استخدام مطهّر محفوظ بمادة الثيميروسال ومسحه على الحبل السري لكل واحد منهم.

وفي عام 1982م منعت هيئة الغذاء والدواء (FDA) المنتجات التي تباع من دون وصفه طبية إن كانت تحتوي على الثيميروسال وفي عام 1991م قامت الهئية بمنعه في لقاحات الحيوانات. ولكن من المؤسف أن مركز مكافحة الأمراض قد اقترح في نفس السنة أن يحقن الرضع بلقاحات متعددة تحتوي على الزئبق.  فالأطفال حديثي الولادة يتم تطعيمهم بلقاح التهاب الكبد “ب” خلال 24 ساعة من الولادة وبعدها بشهرين يتم تطعيمهم بلقاح المستديمة النزلية “ب” و الدفتيريا والكراز والسعال الديكي.

إن قطاع صناعة الأدوية والعقاقير يعلم بأن التطعيمات الإضافية تشكل خطرا.  ففي نفس السنة التي أقر مركز مكافحة الأمراض (CDC) فيها التطعيمات الجديدة ، حذر الدكتور موريس هيليمان وهو أحد الرجال الذين بدأو برامج تطعيمات شركة ميرك حذر شركته بأن الأطفال ذوي الستة أشهر من العمر والذين يتم تطعيمهم يمكن أن يتعرضوا لكميات خطيرة من الزئبق.  اقترح أن يتم إيقاف مادة الثيميروسال وخصوصا للرضع والأطفال موضحا أن قطاع الأدوية يعرف بدائل غير سامة.  الأفضل أن يتم إعطاء التطعيمات من غير مواد حافظة.

بالنسبة لشركة ميرك وشركات أدوية أخرى كانت المعضلة هي المال. مادة الثيميروسال تمكن قطاع الأدوية لتعليب اللقاحات في قوارير تحتوي على عدة جرعات وبالتالي تحتاج لحماية لأنها تتلوث بسهولة عند تمرير عدة أبر خلالها.  تكلفة انتاج القوارير الكبيرة يمثل نصف تكلفة القوارير الصغيرة التي تحتوي على جرعة واحدة وبهذا تصبح أرخص لوكالات الشركات العالمية لتوزيعها على المناطق الموبوءة.  وبسبب هذه الحسبة المالية تجاهلت شركة ميرك تحذيرات هيلمان واستمر المسؤولون الحكوميون أكثر وأكثر بدفع شركات الأدوية لإنتاج لقاحات تحتوي على الثيميروسال.  قبل عام 1989م كان الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة يتم تطعيمهم بأحد عشر لقاح – لقاحات شلل الأطفال والدفتيريا والكراز والسعال الديكي والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.  بعد عقد من الزمن – شكرا لمقترحات الحكومة – أصبح الأطفال يأخذون ما مجموعه اثنين وعشرين لقاحا عند وصولهم للصف الأول الابتدائي.

ومع ازدياد عدد التطعيمات ازداد معها معدل الإصابة بالتوحد لدى الأطفال.  خلال عام 1990م تم حقن 40 مليون طفل بلقاحات تحتوي على الثيميروسال وبالتالي حصلوا على مستويات غير مسبوقة من مادة الزئبق خلال مرحلة عمرية تعتبر حرجة لتطور الدماغ.  وعلى الرغم من مخاطر الثيميروسال الموثقة جيدا يضهر أنه لا أحد كان مهتما بجمع عدد الجرعات المتراكمة من الزئبق التي يحصل عليها الأطفال من  التطعيمات الإجبارية.  “مالذي يدعوا هيئة الغذاء والدواء (FDA) أن تستغرق كل هذا الزمن لتقوم بالعملية الحسابية” يسأل بيتر باترياركا وهو مدير إدارة المنتجات الفيروسية في الهيئة عام 1999م “لماذا لم يقم مركز مكافحة الأمراض (CDC) وأجهزتها الاستشارية بعمل الحسابات تلك عندما قرروا التوسع المضطرد في جدول تطعيمات الأطفال”

ولكن عند ذلك الوقت فإن الضرر قد وقع. في عمر شهرين وفي وقت يكون فيه الدماغ في لحظة حرجة من تطوره يحصل الرضع بشكل روتيني على ثلاثة تطعيمات تحتوى مجموعها على 62.5 ميكروجرام من إثيل الزئبق – وهو مستوى يعادل 99 مرة أكبر من الحد اليومي المقرر من وكالة حماية البيئة لإيثيل الزئبق.  على الرغم من إصرار قطاع الأدوية بأن إيثيل الزئبق لا يشكل إلا خطرا قليلا لإنه يتكسّر بشكل سريع ويطرحه الجسم ، فإن العديد من الدراسات – ومن بينها التي نشرت في أبريل عن طريق المعهد الوطني الطبي – تقر بأن إثيل الزئبق هو حقيقة أكثر سمية للدماغ في مرحلة التطور ويبقى في الدماغ فترة أطول من ميثيل الزئبق.

المسؤولون الحكوميون المسؤولون عن تطعيمات الأطفال يصرون على أن التطعيمات الإضافية تعتبر ضرورية لحماية الرضع من الأمراض وأن الثيميروسال لا يزال ضروريا في الدول النامية التي يدعون أنها لا تستطيع تحمل تكلفة القوارير ذات الجرعة الواحدة والتي لا تحتاج لمواد حافظة.  قال لي الدكتور بول أوفيت وهو من كبار مستشاري مركز مكافحة الأمراض (CDC) “أظن أنه لو أتانا حقيقة وباء الانفلونزا – وهذا بالتأكيد سيأتينا خلال العشرين سنة القادمة لإنه دائما يفعل ذلك – فلن توجد أية طريقة على وجه الأرض يمكن من خلالها تطعيم 280 مليون نسمة بقوارير ذات الجرعة الواحدة. لذا لابد من وجود القوارير متعددة الجرعات”

ولكن بينما المسؤولين الحكوميين يمكن أن يكونوا فعلوا ذلك من حسن نية ، فإن الكثير ممن هم في لجان الاستشارات في مركز مكافحة الأمراض (CDC) والذين دعموا التطعيمات الإضافية كان لديهم صلة قوية بشركات الأدوية.  فرئيس تلك اللجان الدكتور سام كاتز كان مستشارا مدفوع الأجر لأغلب الشركات التي تصنع اللقاحات وقد كان عضو في فريق العمل الذي قام بتطوير لقاح الحصبة وقدمه لأخذ التصاريح اللازمة عام 1963م.  وعمل الدكتور نيل هالسي وهو عضو آخر في اللجنة كباحث للشركات الت تنتج اللقاحات وحصل على تكريم من مختبرات شركة أبوت بسبب بحثه في مجال لقاح التهاب الكبد “ب”.

وبالفعل في دائرة العلماء القلائل الذين يعملون في مجال اللقاحات فإن تضارب المصالح هذه تعتبر شائعة واعتيادية.  الممثل الحكومي بيرتون يقول إن مركز مكافحة الأمراض (CDC) يسمح باستمرار لهؤلاء العلماء الذين يشكل عملهم تضارب مصالح واضح يسمح لهم بالخدمة في اللجان الفكرية الاستشارية والتي يصب عملها في رفع التوصيات للقاحات الجديدة وهذا على الرغم من أن هؤلاء لديهم فائدة ومصلحة في المنتجات والشركات  التي من المفترض أن يقدموا عنها استشارات وتقييمات غير منحازة. اكتشفت لجنة المراجعة الحكومية في مجلس النواب أن أربعة من ثمانية مستشارين لمركز مكافحة الأمراض (CDC) والذين أقروا الإجراءات الخاصة بلقاح فيروس الروتا كان لديهم ارتباط مالية مع شركات الأدوية التي كانت تطور مجموعة مختلفة من نفس اللقاح”

الدكتور بول أوفيت والذي يتشارك ببراءة اختراع في أحد اللقاحات أكد لي بأنه سيتلقى أموال لو أن تصويته أدى في النهاية إلى منتج يمكن تسويقه.  ولكنه لم يقبل قولي في أن العالم الذي لديه حصة مالية في موافقة مركز مكافحة الأمراض (CDC) يمكن أن تؤثر على حكمه.  “هذا لا يمثل تضارب بالنسبة لي” يصر الدكتور “فأنا أتقيد بالنظام ولست فاسدا به. فعندما أجلس على تلك الطاولة فإن همي الوحيد هو محاولة الوصول للمقترح الأفضل الذي يصب في مصلحة الأطفال في هذه الدولة.  إنه من السيء أن يقال بأن الأطباء والمتخصصين في صحة المجتمع هم أناس تحت تصرف شركات الأدوية وبالتالي يصنعون قرارات يعرفون بأنها غير صحية للأطفال.  ليس هكذا يتم العمل.”

علماء اللقاحات ومنظمين آخرين أعطوني تأكيدات مشابهة.  وكمثل أوفيت ينظرون لأنفسهم على أنهم حراس ملهمين لصحة الأطفال وفخورين بشراكاتهم مع شركات الأدوية ولديهم المناعة لإغواء الربح الشخصي ومحاصرين من قبل النشطاء غير العقلانيين الذين يهددون صحة الأطفال من خلال حملاتهم ضد التلقيحات. إنهم غالبا ما يمانعون الاستجواب. فالعلم يقول أوفت من الأفضل أن يترك للعلماء.

وعلى الرغم من هذا فإن بعض المسؤولين الحكوميين دهشوا من تضارب المصالح هذا الظاهر للعيان.  فمن خلال البريد الالكتروني الذي أرسله بول باترياركا من هيئة الغذاء والدواء (FDA) إلى إدارة مركز مكافحة الأمراض (CDC) عام 1999م ندد فيه بالمسؤولين الفدراليين لفشلهم في عمل التدقيق الكافي لمخاطر اللقاحات الإضافية.  “لست متأكد من أن هناك طريق سهل للخروج من المعتقد السائد من أن هيئة الغذاء والدواء (FDA) ومركز مكافحة الأمراض والمجالس المنظمة للقاحات كانوا في نوم عميق لأخذ قرار تجاه الثيميروسال” يقول باترياركا.  الروابط القوية بين المسؤولين المنظمين وشركات الأدوية سيثير أيضا تساؤلات حول المجالس الاستشارية المختلفة والتوصيات المندفعة لاستخدام الثيميروسال في تطعيمات الأطفال”

إن كان المنظمين الفيدراليين والعلماء الحكوميين فشلوا في فهم مخاطر الثيميروسال على مدى السنوات ، فلم يعد أحد يعذر بالجهل بعد الاجتماع السري في سمبسونود.  ولكن بدلا من عمل أبحاث ودراسات لاختبار الرابط لمرض التوحد وإصابات الدماغ المختلفة ، قام مركز مكافحة الأمراض (CDC) بتقديم السياسة على العلم.  فقد قام المركز بتسليم قواعد بياناته الخاصة بلقاحات الأطفال – والتي تم النفقة عليها من خلال جامعى الضرائب من المواطنين – إلى شركة خاصة هي “برامج التأمين الصحي الأمريكية” وذلك لضمان عدم استخدامها ضمن أبحاث إضافية.  وطلب المركز من المعهد الصحي وهو منظمة استشارية تعمل كجزء من الأكاديمية الوطنية للعلوم لإجراء دراسة تدحض بها الرابط بين الثيميروسال والاضطرابات الدماغية.  تقول الدكتورة ماري مكومرك التي كانت ترأس لجنة سلامة التطعيمات في المعهد الصحي لزملائها الباحثين عندما تقابلا لأول مرة عام 2001م “يريدوننا أن نعلن بشكل واضح أن تلك الأشياء آمنة”.  “لن نصل مطلقا إلى أن نقول بأن التوحد هو عارض جانبي حقيقي نتيجة التعرض للثيميروسال. وبحسب وثيقة الاجتماع فإن رئيسة الاجتماع كاثلين ستراتون تنبأت بأن المعهد الصحي سيخلص إلى أن الدلائل غير كافية لقبول أو رفض العلاقة بين الثيميروسال ومرض التوحد. وهذه النتيجة هي ما يريدها والت – والت هو الدكتور والتر أورينستاين مدير إدارة البرنامج الوطني للقاحات في مركز مكافحة الأمراض (CDC).

لهؤلاء الذين أمضوا جل حياتهم للعمل على تلك التطعيمات فإن تلك المستجدات عن الثيميروسال سيجعل ما كرسوا حياتهم من أجله ليس ذا قيمة.  “لدينا قضية كبرى” يقول الدكتور مايكل كاباك وهو عضو لجنة آخر.  “فكلما كان عرضنا سلبيا كلما قلت احتمالية استخدام الناس للقاح والتطعيمات – ونعلم جيدا نتيجة ذلك إن حدث.  نحن مثل الذي علق في المصيدة.  والمهمة التي نحن بصددها هي كيفية الخروج من تلك المصيدة.”

حتى أمام عامة الناس فإن المسؤولين الفيدراليين صرحوا بوضوح بأن هدفهم الأساسي لدراسة الثيميروسال هو لإزاحة الشكوك عن اللقاحات.  “أربع دراسات تجرى حاليا لاستبعاد المعتقد السائد بوجود علاقة بين التوحد والثيميروسال”  يقول الدكتور جوردون دوغلاس الذي كان مدير إدارة التخطيط الاستراتيجي لأبحاث اللقاحات في المعاهد الوطنية للصحة يؤكد في اجتماع في جامعة برنستون عام 2001م.  “لكي نقوم بإلغاء مفعول التأثير السلبي للأبحاث التي تدعي وجود رابط بين لقاح الحصبة والزيادة المضطردة لحالات التوحد فإنه يتعين علينا إجراء أبحاث إضافية معلنة للتأكيد على صحة الأسر”  الدكتور دوجلاس كان يعمل كرئيس اللقاحات في شركة ميرك وقد كان يتجاهل التحذيرات من مخاطر الثيميروسال.

في مايو من العام الماضي نشر المعهد الطبي تقريره الأخير. وقد كان ما توصل إليه هو : لا يوجد رابط موثق بين التوحد والثيميروسال في اللقاحات.  بدلا من مراجعة الدراسات والأبحاث العديدة التي تصف مدى سمومية الثيميروسال ، اعتمد تقريره على أربع دراسات وبائية معيبة وكارثية تركز على الدول الأوروبية التي يأخذ الأطفال فيها جرعات من الثيميروسال أقل بكثير من الأطفال الأمريكيين. التقرير أيضا استشهد بنسخة جديدة من دراسة الدكتور فيرسترايتن نشرت في مجلة “أطباء الأطفال” والتي تم إعادة العمل عليها لتقليل الرابط بين الثيميروسال والتوحد.  وهذه النسخة الجديدة تضمنت أطفال صغار جدا لا يمكن كشف التوحد بهم وتجاهل آخرين أظهروا مؤشرات للمرض بهم.  أعلن المعهد الطبي أن القضية أغلقت واقترح – في موقف غريب من جهة علمية – ألا تقام أبحاث أخرى في هذا الموضوع.

التقرير قام ربما بإرضاء مركز مكافحة الأمراض (CDC) ولكنه لم يقنع أحد.  هاجم ديفيد ويلدون وهو طبيب جمهوري من فلوريدا خدم في لجنة المراجعات الحكومية في مجلس النواب هاجم المعهد الطبي حيث قال بأن التقرير اعتمد على مجموعة صغيرة من الأبحاث المعيبة بشكل كبير وفشل التقرير في الإشارة إلى جميع الأبحاث العلمية والطبية المتوفرة.  “المسؤولون في مركز مكافحة الأمراض (CDC) ليس من اهتماماتهم البحث النزيه للوصول للحقيقة. قال لي ويلدون لإن وجود رابط بين اللقاحات والتوحد سيجبرهم على الاعتراف بأن أفعالهم أضّرت بآلاف الأطفال بشكل لا يمكن إصلاحه.  من هذا الذي يريد أن يضع هذا الاعتراف على نفسه؟”

تحت الضغوطات من الكونجرس والأهالي قام المعهد الطبي بتكوين لجنة أخرى للتعامل مع المخاوف المستمرة حول برنامج مشاركة البيانات المتعلقة بسلامة اللقاحات.  ففي فبراير قامت اللجنة المكونة من مجموعة من العلماء المختلفين بنقد الطريقة التي تم من خلالها استخدام مرض الأطفال المسمى “عيب الحاجز البطيني” في الدراسة التي قام بها فيرسترايتن وحثت مركز مكافحة الأمراض (CDC) بتمكين الناس من الوصول بقاعدة البيانات الخاصة باللقاحات.

حتى الآن لم يتمكن إلا اثتنين من الوصول للبيانات.  فقد أمضى الدكتور مارك جير وهو رئيس مركز الجينات الأمريكي وابنه ديفيد مدة سنة في معركة للوصول للسجلات الطبية من مركز مكافحة الأمراض (CDC).  ومنذ أغسطس من عام 2002م عندما ضغط الكونجرس على المركز لتسليم البيانات ، أنهى الدكتور جير وابنه ستة دراسات تؤكد العلاقة القوية بين الثيميروسال والإصابات الدماغية للأطفال.  إحدى الدراسات التي تقارن تراكم جرعات الزئبق المعطاة للأطفال المولودين بين عامي 1981م و 1985م مع الأطفال المولودين بين عامي 1990م و 1996م تتوصل إلى وجود علاقة قوية بين مرض التوحد واللقاحات.  ودراسة أخرى للأداء الدراسي وجدت أن الأطفال الذين أخذوا جرعات كبيرة من الثيميروسال في اللقاحات المعطاة لهم فإن احتمالية إصابتهم بالتوحد تقريبا ثلاثة أضعاف وأن احتمالية إصابتهم بمشاكل في النطق والتخلف الدماغي أكثر من ثلاثة أضعاف.  وفي دراسة أخرى سيتم نشرها قريبا تظهر بأن معدل التوحد في انخفاض بعد إزالة مادة الثيميروسال من معظم اللقاحات.

وكما جهدت الحكومة الفيدرالية من منع العلماء من إجراء الدراسات على اللقاحات قام أفراد أخرون بالتقدم لدراسة رابط اللقاحات بالتوحد.  ففي إبريل قام الصحفي دان أولمستد من يو بي آي بإجراء دراسة مدهشة بنفسه.  فقد بحث عن الأطفال الذين لم يتم تطعيمهم ولم يتعرضوا للزئبق الموجود في اللقاحات – وهؤلاء عادة ما يستخدمهم العلماء لإجراء ما يسمى بالعينة “المسيطرة” في تجاربهم –  فتجول أولمستد في جماعة الأميش في بلدة لانكستر في بنسلفانيا الذين رفضوا تطعيم أطفالهم.  مع أخذ نسبة التوحد في أمريكا بعين الاعتبار قام أولمستد بحساب أنه يجب أن يوجد في جماعة الأميش 130 طفل مصاب بالتوحد.  لكنه وجد أربعة فقط.  أحدهم تعرض لكميات كبيرة من الزئبق من محطة لتوليد الطاقة.  والثلاثة الآخرين – أحدهم هو طفل تبنته أسرة من الأميش من خارج جماعتها – قد تم تطعيمهم.

وعلى مستوى الولايات ، فقد أجرى العديد من المسؤولين مراجعات معمقة عن الثيميروسال. فبينما كان المعهد الصحي يقوم بتلميع المخاطر ، كانت الهيئة التشريعية لولاية أيوا تقوم بالغوص عميقا في جميع المواد العلمية المتوفرة والبيانات البيولوجية. “بعد ثلاث سنوات من المراجعة أصبحت على يقين تام بأن هناك أبحاث معتمدة كافية توضح العلاقة بين الزئبق وزيادة حالات التوحد”  يقول السناتور في الولاية كين فينسترا وهو جمهوري أشرف على البحث.  “إن حقيقة ارتفاع التوحد بمعدل سبعة أضعاف الذي بدأ منذ عام 1990م ومباشرة بعد إضافة العديد من اللقاحات في جدول تطعيمات الأطفال هي حقيقة كافية لوحدها كدليل” قامت ولاية أيوا كأول ولاية أمريكية بمنع الزئبق في اللقاحات ثم تبعتها كالفورنيا.  وحالات منع مشابهة تحت البحث من قبل اثنين وثلاثين ولاية أخرى.

ولكن بدلا من أن تقوم هيئة الغذاء والدواء (FDA) بحذو حذو تلك الولايات فقد استمرت بالسماح للمنتجين لإضافة الثيميروسال في العشرات من الأدوية التي تباع في الصيدليات وفي المنشطات وحقن الكولاجين.  ومما يثير القلق بشكل أكبر هو استمرار الحكومة في شحن اللقاحات المحتوية على الثيميروسال إلى الدول النامية – بعض تلك الدول تواجه الآن انفجار مفاجئ في معدلات التوحد.  في الصين والتي لم يعرف فيها المرض بتاتا قبل طرج الثيميروسال من قبل شركات الأدوية الأمريكية في عام 1999م، تشير تقارير جديدة بأنه يوجد هناك 1.8 مليون نسمة مصابون بالتوحد.  وعلى الرغم من أن الأرقام يصعب إيجادها فإن مرض التوحد يظهر أنه يرتفع في الهند والأرجنتين ونيكاراجوا ودول نامية أخرى والتي تستخدم اللقاحات المحتوية على الثيميروسال.  ومنظمة الصحة العالمية متسمرة أيضا بالجزم بأن الثيميروسال آمن ولكنها وعدت بأن تبقي على احتمالية علاقته بالإضطرابات الدماغية قيد المراجعة.

لقد قمت بتخصيص وقت لدراسة هذه القضية لإنني مؤمن بأنها مشكلة أخلاقية ويجب أن تدرس.  لو كانت السلطات المسؤولة عن صحة المجتمع – كما تبين الأدلة – قامت بالسماح ، وهي تعلم ، لشركات الأدوية بتسميم جيل كامل من الأطفال الأمريكيين ، فإن عملها يمكن أن يكون أحد أكبر المؤامرات في تاريخ الطب الأمريكي.  “إن مركز مكافحة الأمراض (CDC) مدان في عدم أهليته وإهماله الضخم”  يقول مارك بلاكسل وهو نائب رئيس منظمة العقول السليمة وهي منظمة غير ربحية مهتمه بدور الزئبق في الطب.  “إن الضرر الذي حدث جراء التعرض للقاحات لهو ضرر ضخم للغاية.  فهو أكبر من ضرر الحرير الصخري وأكبر من ضرر التبغ وأكبر من أي ضرر رأيته قط”

إنه من الصعوبة حساب الضرر الذي ستتعرض له دولتنا – وتعرضت له المجهودات الدولية لصد هذا الوباء – لو أن دول العالم الثالث أتى إليها الاعتقاد بأن جل المبادرات والمساعدات الخارجية الأمريكية تقوم بتسميم أطفالها.  وليس صعبا استشراف كيف يمكن أن يفسر هذا السيناريو من قبل أعداء أمريكا في الخارج. إن العلماء والباحثين – ومعظمهم مخلصين وحتى مثاليين – الذين يساهمون في الجهود التي تخفي العلم حول الثيميروسال يزعمون بأنهم يحاولون تسريع الهدف الأكبر وهو حماية الأطفال في الدول النامية من خطر وبائي.  لقد تم تضليلهم بشكل كبير. ففشلهم في البراءة من الثيميروسال سيأتي مرتدا بشكل مريع على دولتنا وعلى سكان العالم الفقراء.

روبرت ف كينيدي 2005م

موقع المقال باللغة الإنجليزية

http://www.globalresearch.ca/vaccinations-deadly-immunity/14510?utm_source=rss&utm_medium=rss&utm_campaign=vaccinations-deadly-immunity

مصدر الترجمة العربية

من فاطمة عيسى

أهدف إلى رفع مستوى الوعي حول إصابات اللقاحات في الشرق الأوسط. أنشأت موقع novax.org ، وأطلقت عريضة لوقف التلقيح الإجباري ، وأنشأت نظام AVEARS التطوعي: الإبلاغ عن الأحداث السلبية للقاحات العربية.